عائدون الجزء 13



 استمرت محاولاتي وبعد اقل من عشرة ايام نجحت واندهش ابو جعفر عندما قلت له ان التمرة لا تختفي الا عندما احس من شدة تركيزي عليها اني لا ارى شيء سواها ..وكل ما حولي قد اختفى وكلما بدأت التمرة في الاختفاء كلما لاحظت ان كل ما حولي يعود للظهور.. فتختفي التمرة وتظهر بقية الاشياء , كان ابو جعفر سعيدا لنجاحي ولكنه لم يمهلني والزمني ببعض التجارب الاخرى لن اسردها حتى لا اطيل عليكم .

بعد ان تجاوزت الكثير من التجارب قال لي ابو جعفر الان سنقوم بأصعب تجربة وهي انني سأحضر لك شخصا يجلس معك وسنبعد التمرة عنه الى ان تصبح رؤيتها بصعوبة وستجلس انت مقابل هذا الشخص مغمض العينين والتمرة بينكما ...وهو سوف ينظر للتمرة بينما انت ستتخيل انك تراها وانت مغمض العينين , واثناء هذا ستحاول ان تركز عليها في خيالك حتى تخفيها كما كنت تفعل , واذا شرد ذهنك عن التمرة افتح عينيك واعد التجربة , ومهما اخفيتها في مخيلتك فلن اعتبرك نجحت حتى يقول هذا الشخص انه لم يعد يراها .

ظننت في البداية ان الامر مستحيل , كما يعتقد بعضكم الآن , وبعد محاولات كثيرة , قال الرجل انه لم يعد يراها , فتوقعت انه يكذب , استمريت في المحاولة الى ان نجحت كما قال لي ابو جعفر... لاني اصبحت افتح عيناي واركز على التمرة وخلال ثواني يعلن الرجل انه لم يعد يراها , حتى وان كانت قريبة منه جدا , واخر المحاولات كنا نقلل البخور , ونزيد في عدد الشمع , ومع مرور الوقت خطوت في هذا الباب خطوات ممتازة بعد ان مررت بتجارب كثيرة .., وبعد مرور اكثرمن سنة ونصف في تشاد اصبحت اجيد اضافة الى ماسبق سحرالدوامة والبرجل والكثير من سحر التخيلات , وانكشف امامي باب كبير من الحقيقة التي كنت اجهلها وهي ان ليس كل ما يقال عنه سحر يستعان فيه بالجن , ورغم كل هذا التقدم كان لا يزال عندي الكثير من الاسئلة .

كان ابو جعفر بعد كل نجاح احققه يحاول ان يأتي بصديقه كهيال او غيره واذا حضر يعلن ابو جعفر بأنني لا زلت في حاجة الى تعلم المزيد , الى ان اتى يوم ..حاول فيه ان يحضر اصدقائه من الجن في حضوري فلم يستطع , كرر المحاولة اكثر من مرة دون جدوى . عندها اخبرني انني لن استطيع ان اتعلم منه اكثر مما تعلمت , كما انه اكد لي ان تجاوزي لكل تلك المراحل يعد تقدما كبيرا , وحذرني من العودة الى السودان ومقابلة الشيخ موسى او اي روحاني.. حتى وان ظهرت عليه كل علامات التقى والصلاح ..ومهما ادعى انه يتعامل مع الجن العلوي المسلم او الملائكة او قرين الرسول علية الصلاة والسلام ...كان يتكلم وكأنه كان يعلم مايدور في نفسي .

اخيرا خرجت من تجربة سنة ونصف تقريبا بمعلومة لم اكن اعرفها , بل ربما كنت اعرف عكسها تماما سأحاول ان ارتبها عسى ان تعم الفائدة وهي كالتالي :

ان هناك لبس عند اكثر الناس لانهم يخلطون بين سحر الانس وسحر الجن 

1- سحر الانس (السحر غير الحقيقي وهوالسيميا والشعوذة)

*- السيميا (سحر غير حقيقي) ومنه (البيان والارقام والرمل والحرف والكف والفنجان والدق والفلك والطالع والورق والتنبئ والودع وما يدخل في هذا النطاق) .

*- الشعوذة (سحر غير حقيقي) ومنه (التخيلات والوهم والدوامة والبرجل والمد).

وعليه فإن سحر السيميا والشعوذ ة ليس لهما اي علاقة بالجن بتاتا مهما كثرت الاقاويل واختلفت التسميات , وكل مايحدث من طقوس انما هي للتهيئة وليست لتحضير الجن كما يدعي الممارسون .

كما اكتشفت ان سحر الجن هو (السحر الحقيقي وهو الروحانيات بأنواعه) 

2- الروحانيات(سحر حقيقي)

فهو ثلاثة ابواب وهي :

*-الباب الاخضر وهو باب الدخول لعالم الجن المسلم الذي يصعب التعامل معه لانه يختار ولا يخدم .

*-الباب الاسود وهو باب الدخول لعالم الجن الاسود الكافر الذي لا يخفي كفره (يسهل التعامل معه بالاتفاق)

*-الباب الاحمر وهو باب الدخول لعالم الجن الاحمر وهم من اتباع الشيطان ويصعب الاتفاق معهم لشروطهم الصعبة , والمغريات لديهم كثيرة واول ابوابهم الولاء لابليس و رفع التكليف بالعبادة عن الاولياء الصالحين,كما يسمونهم وهم اخطر اصناف الجن . (هذه الابواب الثلاثة لاشك ان تعلمها يعني التعامل المباشر مع الجن) .

وبعد ان نعرف كيف تعلمت هذا النوع ونسمع القصص العجيبة في هذا الباب سأفصل فيه بشكل اوسع ان شاء الله .

حملت معي هذا الكم الهائل من العلم والمفاهيم الجديدة وغادرت تشاد بما فيها من ذكريات اغلبها مريرة واليمة وتركت خلفي صومعتي الصغيرة و ابريقي النحاس , وصديقي ابو جعفر وكهيال و شمهروش وظام و الكثير من القصص المثيرة ,

غادرت الى المغرب للسلام على اختي وبقيت هناك اقل من شهر كان خلاله صوت (زنقاط) يصرخ في اذني وكنت اتمنى ان التقي به رغم كل تحذيرات ابوجعفر , لذا بدأت اسأل عن العلوم الروحانية وكم تحتاج من الزمن لتعلمها , وبعد بحث وسؤال وبمساعدة بعض الاصدقاء , توصلت اخيرا الى احد الاشخاص الهنود في الدارالبيضاء مسيحي واسمه (سيلا داس ) واكد لي انه يعرف شخصا في الهند معروف عنه قدرات روحانية خارقة , وان ابن عمه (جوماتيو) يتكلم العربية وسوف يرافقني في تنقلاتي في الهند ولن يكلفني الكثير , ولان للهنود باع طويل في السحر والشعوذة قررت الذهاب دون تردد ورتبت اموري على السفر (المغرب الأردن الهند) , وهناك قابلت كثيرا من السحرة منهم شخص لا انساه , فقد كان من اهمهم وهو الروحاني الكبير (بيجوا) من ابناء الالهة التي يعبدونها (فشنو) كما يدعي , قابلته تحديدا في هردوار , وكان يصنف نفسه انه الروح المكتملة وانني لا استطيع الاستفادة منه الا اذا سلمت روحي للاله (فشنو) وقبلها , والى ذلك الحين قرر ان يقدم لي المساعدة بإسم ابيه (فشنو) الذي يعبدونه , الذي سوف يعينني على الصبر والتحمل حسب قوله , وكانت المساعدة عبارة عن سلسلة صغيرة من الخيط علق بة 3 اوصال صغيرة من العظام وقال ان العظام تعود لطفل صغير اختارة الاله قربانا منذ زمن بعيد قبل ان يرحمهم ويعفيهم من تقديم القرابين البشرية . الحمد لله على نعمة الإسلام

ودعناةهانا و جوماتيو واكملنا المسير في رحلة البحث عن عجوز البراهما الذي كان مجرد السؤال عنة يفرح الهندوس ويتسابقون في خدمة السائل عنه وبعد جهد وعناء ومطاردة بين القرى الفقيرة التي يزورها العجوز لمساعدة سكانها الفقراء , بالعلاج او بطرد الارواح الشريرة من اجسادهم , ومزارعهم ومنازلهم كما يسمونها, وليدعوا لهم ويمنحهم الطمئنينة والبركة , وقد وجدناه بعد عناء طويل , وقد كان رغم سنه الذي يتجاوز 90سنة كان بصحة جيدة , ورغم فقره الشديد كان يشعرك بالقناعة والرضا , ورغم الشقاء الذي كان يكسو وجوه الجميع كان مبتسما وكأنة يملك الدنيا وما فيها , كما انه كان محبوبا جدا وفي النهاية وهذا المهم بالنسبة لي ان هذا العجوز كان يعد من اخطر الروحانيين,لانه كما يقول عنه الناس احد ابناء الالهة (بارهما) وكما ان له مكانة كبيرة بين اتباع ديانته , فقد كانت له نفس المكانة بين ابناء الالهة الاخرين , لانة ابن الاله الاعظم حسب اعتقادهم .(ارجوا من القراء عدم التذمر من هذه التفاصيل لانها مهمة وسوف يتبين ذلك لاحقا).

كان اول درس قاله لي , (ان التأمل اساس العبادة , والصبر على التأمل قمة الايمان , والايمان تهذيب للروح , والتحكم في الروح يعني التحكم في الاشياء والاشخاص) هذا الكلام سمعته من هذا العجوز الذي كان يسير على الجمر ويحرك الاشياء بمجرد النظراليها . سألته كيف يمكنني ان اتعلم منه فقال هل تؤمن بالالهة قلت نعم ولكن ليس الاهكم فقال ليس مهم , المهم ان يكون لك اله تؤمن به وبأنه سوف يمدك بالمساعدة اذا لجأت اليه , ثم سألني ماذا تعلمت وماذا تريد ان تتعلم ؟ فأخبرته فقال , كم الاشياء التي تستطيع تحريكها في نفس الوقت , فقلت انني استطيع تحريك بعض الاشياء الصغيرة كما انني استطيع ان اخفي بعض الاشياء فقط , فقال ربما يكون لديك روح تحتاج من يساعدها على التحرر من قبرها الجسدي , ولكنه اعتذر لانه ذاهب الى الحج , وخيرني بين الانتظار او مرافقته في رحلة الحج التي تمتد الى اكثر من شهر ويمارس فيها طقوس روحانية للاحياء والاموات من كافة الطبقات ومن كافة الكهنة كما ان هذا الموسم للحج يصادف عيد الالوان , فشجعني موضوع العيد فاخترت المرافقة , ولبست الزي الهندوسي للكهنة ورافقت العجوز الى مدينة (الله اباد) التي تضم اكبر تجمع بشري رأيته في حياتي يفوق الخمسين مليون يأتون بهدف الحج الى النهرالمقدس(الغانج)الذي تساقطت فية قطرات من رحيق زهرة الخلود كما يعتقدون .

سكنت معة انا جوماتيو في خيمة صغيرة كسائر الخيام الخاصة بعامة الناس , بينما بعض الكهنة كان حالهم افضل من حيث المسكن والمعيشة , اما كاهني العجوز فكان كل همه استقبال الناس طوال النهار , ليقدموا اعترافاتهم بأخطائهم امامه فيدلهم على طريقة الخلاص من هذة الخطايا , فهذا يقول له اشرب من النهر المقدس 3 مرات , وهذه يقول لها استحمي على ضفاف النهر , واخرى لا بد ان تستحم داخل النهر, او ان يذهب للمرضى والعجائز في خيامهم حاملا معه بعض الماء المقدس ويساعدهم على الخلاص من ذنوبهم كما ان البعض يريد منه تقديم المساعدة فهذا يريد المغفرة وهذا يريد الصحة وهذه تريد الانجاب ومن هذا القبيل , اما بقية اليوم فكان يقضية في الجلوس والتجلي وكانت الجلسة الواحدة تتجاوز 5 ساعات في نفس الوضعية (سبحان الله على هذة القوة الجسدية والنفسية عند هذا العجوز)

كان قد بقي على موعد عيد الالوان يومين وكنت سعيدا لحضوري ذلك العيد لان جوماتيو اخبرني بأن العيد رغم انه في الاصل من اعياد الهندوس الا ان اغلب الاديان في الهند يمارسونه ويعتبرونه عيد التسامح والهندوس انفسهم يلغون الطبقات فيما بينهم , لذلك نمت وانا اتخيل الملايين وهم يلقون الالوان في الهواء ويلونون بعضهم البعض , ولكن سعادتي لم تكتمل فقد استيقظت على صراخ حول خيمتنا , فخرجنا جميعا , وفهمت ان احد الحجاج سرقت روحه وحلت محلها روح شريرة (اعتقادهم أما في الأصل هو مس للجن), ويريدون من الكاهن الذهاب لرؤيته في احدى الخيام وطرد الروح التي استحلت جسده, توجهنا سيرا الى الموقع وكانت المسافة بعيدة جدا وكان الناس يوقفوننا بكثرة حتى يقبلوا قدم الكاهن , ويلتمسوا منه البركة والمغفرة , وصلنا وقد اصبت بالتعب من طول المسافة , وجدنا اناس يتجمعون حول خيمة عرفت فيما بعد ان المصاب داخلها , دخلنا وصدمني المنظر, فقد كان المصاب عاري البدن من الاعلى (كان اغلب الحجاج من الرجال كذلك) وكان نحيف جدا , لونه يميل الى السواد , وله ذقن كبيرة وشعر كثيف , وجسمة من الاسفل ملفوف بقماش من اللون الاحمر , كما كان مقيدا بالحبال من رجليه ويديه , وكان التراب يمللئ وجهه وشعره , وكانت عيناه مفتوحتين بشكل مخيف وعروقه منتفخة , وكان حوله اكثر من كاهن باختلاف مراكزهم الدينية يقرأون عليه من كتابهم المقدس , وكان الرجل ملقى على الارض يصرخ ويحاول الافلات من القيود التي كانت موثوقة بشكل جيد , ابتعد الجميع عندما اقترب العجوز , وضع يده على رأس المصاب , ثم اخذ يتكلم مع الروح الشريرة ( وفهمت من جوماتيو الحديث وكان تقريبا )

الكاهن : ماذا فعل هذا المسكين 

الروح الشريرة :احرق يدي وظهري 

الكاهن : متى حدث ذلك

الروح الشريرة : قبل 9 سنوات

الكاهن : كيف فعل ذلك 

الروح الشريرة : كنت في زجاجة فيها رماد جسد ابيه الميت فأحرقني بالماء المقدس

الكاهن : والان الا تخافي ان يحرقك مرة اخرى 

الروح الشريرة : سوف اقتله قبل ان ينزل الى النهر

الكاهن : واين روحه الان

الروح الشريرة : لا اعلم 

طلب الكاهن من الحضور بعض الماء المقدس , فأخذ يرش الماء على وجة المصاب وهو يصرخ ويحاول الافلات

الروح الشريرة : هذا يكفي ان روحه قريبة من هنا

الكاهن : دعيها تتكلم معي

الروح الشريرة : ليس لها مكان انا اسيطر على كامل الجسد

الكاهن : ولكنك ستتركيه

الروح الشريرة : لن اتركه

اخذ الكاهن يردد عبارت من الكتاب المقدس و يرش الماء في وجة المصاب وعلى صدره ويديه واقدامه وهو يصرخ بصوت عالي ويردد , يكفي هذا يكفي هذا ثم اغمي عليه, فأخذ الكاهن ينادي على روح المصاب لتعود الى جسده وبعد لحظات افاق الرجل يسأل ماذا حدث , فأعلن الكاهن ان الروح الشريرة احترقت , وعندما تنبه المصاب لوجود الكاهن انحنى على قدمه وقبلها , فأوصاه بالذهاب الى النهر و الاستحمام وشرب بعض من الماء والبقاء اطول فترة في النهر.(النصارى ايضا رأيتهم يحرقون الجن بالصليب, فهل ماء الهندوس القذر الذي يلقي الهنود فية بجثث موتاهم والصليب لهما نفس اثر القرآن لحرق الجن والارواح الشريرة)؟. سنعرف الاجابة على هذا السؤال والكثير غيره فيما بعد , ولكن الان دعونا نكمل.

بعد ذلك دخلت امرأة عجوز وانحنت عند قدم الكاهن ورفعت له يدها وكان فيها كسرة خبز تناولها منها وقسمها على الحضور وانا من بينهم. ثم دخل شاب ومعة اطباق صغيرة في كلا منها لون مختلف وقدمها للكاهن فأخذ الكاهن يلون بها وجة المصاب والحضور ابتهاجا بمقدم العيد . خرجنا لنعود فتبعنا 200 شخص او اكثر الى ان وصلنا خيمتنا . ومن التعب نمت انا و جون بينما بقي الكاهن يمارس صلاته في هدوء.

استمر الحج لاكثر من شهر رأيت فيه الكثير من الممارسات الروحية يقوم بها الكهنة وتعلمت في هذة الفترة القصيرة بعض الامور منها جلوس التجلي والتركيز لاطلاق الروح وعدم الشعور بالالم , وقال لي العجوز ربما تحتاج شهور او سنين على هذا الحال لكي تنجح والايمان هو اسرع طريقة للنجاح , وفعلا بالاصرار والعزيمة تجاوزت ثاني عقبة بعد الخوف وهي التعود على الصبر ......... يتبع.......

الكثير يسألني حول القصة هل هي قصتي...لا ليست قصتي .....هي قصة حقيقية لأحد السحرة الكبار الذين أعلنوا توبتهم...أحكيها بطريقتي لأن القصة مكتوبة بلهجة محلية..

ليست هناك تعليقات:

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

جميع الحقوق محفوظة لــ قصص رعب مغربية بالدارجة المغربية