عائدون الجزء 1





 "عائدون"........الجزء الأول


قبل اكثر من 30 عام كنت اعيش مع اسرتي في في احدى القرى المغربية وكغيري من اطفال القرية كان اهلي يحذروني باستمرار من الاقتراب من الآبار بحجة جني يدعى حارس البئر يقولون اذا نظر طفل داخل البئر يقوم هذا الجني بسحبه الى الداخل وكان هذا التحذير شائع في كل القرى أيضا إلا أننا في قريتنا كانوا يحذرونا من شيء تختص به قريتنا دونا عن باقي القرى وهو احد المنازل وكان يدعى ( قصر القايد ) وكان هذا المنزل مكون من 3 طوابق مبنية من الحجر وتحيط به حديقة من كل الجهات وكان يقع في وسط القرية تقريبا وكان يعتبر قصر في ذلك الحين وكانت الاراضي المحيطة به فارغة ليس فيها مباني و لا مزارع , كما انه كان مهجورا وكانت تحيط به الكثير من القصص المخيفة التي سمعناها من آبائنا وأجدادنا كما اننا أضفنا عليها الكثير من الحكايات من خيالاتنا مما اضاف على رعبنا رعبا اخر لدرجة اننا كنا اذا اردنا ان نذهب الى منزل خلف ذلك المنزل كنا نلتف حوله من مسافة بعيدة حتى لا نمر بالقرب منه .

كانت القرية في ذلك الزمان تفتقر للكهرباء لذلك كان جميع الاطفال والنساء لا يغادرون المنازل بعد غروب الشمس , ومرت الايام والسنين على هذا المنوال وتحسن الوضع العام قليلا فدخلت الكهرباء إلى بعض المنازل وكبر الأطفال وأصبحوا صبيان وأنا منهم.

وفي إحدى العطل الصيفية وككل عطلة كان يعود المسافرون من ابناء بعض الاسر ومن الاسر التي غادرت القرية منذ زمن وهاجروا للمدن الكبيرة كالرباط و الدار البيضاء أو من هاجروا للدول الأروبية ...كانوا يعودون الى القرية لقضاء الاجازة مع اهليهم واقربائهم وكنا في هذه الايام يمتد بنا السهر الى ما بعد صلاة العشاء حيث ان القرية تكون مليئة بالاطفال والصبيان والشباب , ولأن صبيان و شباب المدن لم يأخذوا على هذا الوضع وشعروا بالملل , لذا قرر الشباب ان ينشئوا ملعب لكرة القدم في القرية واستقر الرأي على ان يكون في إحدى الاراضي المجاورة لذلك المنزل (قصر القايد).

عندما أعلن الشباب عن ذلك القرار بدأ الحديث في القرية بين النساء والرجال والاطفال بنات وصبيان بأن هذا أمر لا يمكن أن يحدث حتى لا يجلب على قريتنا غضب ساكني (قصر القايد) .

ولكن الشباب أصروا أن هذه مجرد خرافات وان الامر لا يتعدى ذلك وقرروا ان يقوموا بتسوية الارض المجاورة استعدادا لانشاء الملعب وتقرر ان يكون الموعد هو يوم الجمعة بعد صلاة العصر وقاموا بالاتفاق مع آلة الجرف (بالدوزر trax) ليقوم بهذا الامر.

ورغم اننا نحن الصبيان والاطفال كنا نخشى مما قد يحدث إلا أننا في نفس الوقت كنا ننتظر ذلك اليوم بفارغ الصبر لنرى ما سيحدث , وكان هذا يوم الاحد ومرت الايام ثقيلة بطيئة انشغلنا خلالها بالحديث عن هذا الموضوع وبعد طول انتظار حل يوم الجمعة فكان أغلب أهل القرية مجتمعين منذ الصباح الباكر يتحدثون في الموضوع وكثرت التوقعات حول ما سيحدث .

ومن بعد صلاة الجمعة رغم تحذيرات الاهل تجمعنا ثانية وتنازلنا عن وجبة الغداء لنضمن مكان للمشاهدة وجلسنا على مسافة ليست بقريبة من الموقع وفي نفس الوقت تضمن لنا مشاهدة ما سوف يحدث إن حدث فعلا .

وبعد صلاة العصر بدأنا نسمع صوت آلة الجرف تقترب من الموقع وتجمع الشباب والرجال والنساء على مقربة من الموقع فما كان منا إلا أن تركنا موقعنا البعيد وتسابقنا نحوهم لنرى عن قرب .

كانت آلة الجرف تسير ببطء ولكنها وصلت بعد طول عناء وقبل ان تبدأ قام احد رجال القرية وهو كبير في السن بتهديد سائق آلة الجرف وطلب منه الانصراف فكثر الهرج وتعالى الصراخ ( يجب ان يغادر حالا , بل يجب ان يبدا في العمل , انت متهور ولا تدرك ما سيحل بنا , بل انت تصدق خرافات ما انزل الله بها من سلطان , لا تكرر مأساة نسيناها من سنين , اكبر مأساة ان نصدق هذه الإدعاءات ) انقسمت القرية إلى عدة مجموعات مؤيد ومعارض ومحايد ..وكانت الغلبة للمعارضين وتقرر ان تعود آلة الجرف من حيث أتت , أُصبنا بخيبة امل كبيرة ..فقد كان يدفعنا الفضول لمعرفة ماذا يمكن ان يحدث وماهي المأساة التي يتحدثون عنها ولم نسمع بتفاصيلها ....

يوم السبت استيقظنا باكرا للذهاب لصلاة الفجر وبعد الصلاة خرج آباؤنا للتوجه لسوق السبت الذي يقام فقط يوم السبت من كل اسبوع ..يقام في وقت مبكر ويحضره الناس من كل القرى القريبة والبعيدة ويحرص الجميع على حضوره ...

أما نحن فعلينا بعد صلاة الفجرمتابعة دراستنا لحفظ القرآن الكريم في المسيد.. وبعد الصلاة اجتمعنا في حلقة حول الفقيه وبدأنا نقرأ القران الكريم وفجأة سمعنا صوت آلة الجرف فكثر الهرج وتلخبط القارىء وحاول الفقيه السيطرة على الامور ولكن لم تفلح محاولاته فقد اطلقنا سيقاننا للريح باتجاه الصوت ..وكان وسط القرية ..وصلنا وقد تجمع الشباب وبعض الرجال ممن لم يذهبوا للسوق وبعض النساء والفتيات والاطفال .

وما هي الا لحظات وبدأت آلة الجرف في العمل ..وأخذ يجرف التربة قليلا من هنا وقليلا من هناك.. وفجأة حدث ما حذر منه آباؤنا فقد......

يتبع......



ليست هناك تعليقات:

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

جميع الحقوق محفوظة لــ قصص رعب مغربية بالدارجة المغربية