سافرت إلى السودان واستقبلني الأخ (الضَيْ) وأخذني إلى غرب دارفور بين السودان وتشاد في قرية صغيرة قريبة من "أندوكة" ..واتجهنا إلى القرية.. وهناك استقبلنا (الشيخ محمد) وبعض السكان المحليون.. كان استقبالا حارا ..واستضافنا الشيخ محمد في منزله , وبعد أن قضيت يومين تأكدت أن من أرسلني عمل معي أكبر مقلب في حياتي .. لأن الشيخ محمد رجل دين لايقطع رجله عن المسجد (كنت أذهب معه نفاقا لأن القرية كلهم يصلون) ...
طلبت من الضي أن نغادر القرية فليس فيها ما أريد ..ولكنه أكد لي أن ما أبحث عنه موجود في هذة القرية.. وأنه شخص ليس له مثيل في كامل إفريقيا ...و أوصاني بالصبر حتى نلتقي به....
كان في القرية شيوخ كثر, منهم شيخ كنت أراه في المسجد.. له مهابة عظيمة الكل يناديه سيدي موسى ويقبلون يده عند دخول المسجد وعند الخروج منه.. حتى الشيخ محمد يفعل ذلك..وكان دائم الابتسام وكانوا يلتفون حوله بعد الصلاة.. فكان يحدثهم بحديث عن عظمة الله لم اسمع له مثيل من قبل ..وكان يولي رسول الله وآل بيته عليه وعليهم السلام اهتماما وحبا.. يستحقونه سلام الله عليهم , وقد لاحظت بأن الأغلبية متدينون بشكل مبالغ فيه..( مثلا كانوا يتواجدون في المسجد قبل الآذان ولا يخرجون إلا بعد الصلاة بوقت طويل ..كما أن الصلاة لديهم كانت طويلة و كانوا يسبحون كثيرا ويعقدون الحلقات بعد كل صلاة).....
بعد عدة أيام أخبرني الشيخ محمد بأنه (حان الوقت) للقاء الشخص الذي جئت من أجله ..فخرجت معه وأنا في غاية السعادة ولكني سألت نفسي كيف هذا الشيخ الفاضل سيأخذني إلى مشعوذ ..سرت معه إلى منزل في أطراف القرية.. ودخلنا ..فكان صاحب المنزل هو الشيخ موسى الذي أراه في المسجد.. فعرفني عليه الشيخ محمد قائلا (سيدي موسى) و قبل يده...
طلب منا الشيخ موسى الجلوس ..ولكن الشيخ محمد استأذن وتركني بمفردي لدى الشيخ موسى ...وقدم إلي الشيخ موسى كوب ماء وسألني عن أحوالي ..وعندما بدأت أُخبره بأنني بصحة جيدة.. قال أنا لا أعني هذا أنا أقصد أمور دينك وليس دنياك.. ( صدمني السؤال فماذا أقول لهذا الشيخ و أنا من جئت للتعرف على السحر والشعوذة .. فأي أمور دين أحدثه عنها )... قلت له.. والله يا شيخنا إنني من المقصرين ..فقال كلنا كذلك ..ثم سألني كم مرة تختم القرآن في الشهر؟ فصعقت لأنني لم أختم القرآن في حياتي إلا في مسجد القرية مع الصبية و أنا صبي .. فقلت عفوا يا شيخ هل لي أن أسألك .. فقال تفضل ..فحكيت له ما حدث معي وأنني أتيت لأعرف حقيقة السحر والجن ..ولكن يبدو أن من أرسلني أراد لي الخير ..حينما أرسلني إليكم (قلت هذا من باب جبر الخواطر... أما في قرارة نفسي عزمت على تركهم والبحث عما جئت من أجله) ....
سألني ماذا تعرف عن السحر والجن ..فقلت له.. ليس الكثير ولكني سمعت الكثير من القصص ورأيت بعض الأعمال الخارقة وعندي شكوك حول بعض الامور .. قال إسمعني جيدا ودعك من كل هذة الأمور فهناك ما هو أكبر منها .. إنه علم التجلي والروحانية .. إنه الدرجة الأسمى والأعظم من العلم ..ولكن الموضوع يحتاج إلى صبر .فهل تصبر عندي لأكسب فيك الأجر ..و إني أرى فيك ما هو أعظم من النُجٓبا,(بضم النون وفتح الجيم والباء... وهي مرتبة دينية تأتي أقل من الأوتاد وأرفع من العُدلا بضم العين) ... فقلت أصبر إلى متى.. فقال ..سنة سنتين ثلاث سنين ... عقد لساني و استجمعت قواي وقلت له مجاملا.. أستخير الله و أرد عليك ..والآن يا شيخ أريد أن أعود إلى المنزل.. فقال أنت الآن في منزلك فلا تقلق ..فأخبرته أن الشيخ محمد قد يغضب ..فقال أنه يعلم أن هذا منزلك وسوف يأتي بأغراضك عندما نراه في صلاة العصر.. والآن لنتغدى ثم نكمل .....أحضر الغداء.. وكان لا يكفي شخصا واحدا.. ورغم ذلك أكلنا وشبعنا ولله الحمد... .
خرجنا للمسجد بعد الغداء قبل موعد الآذان بأكثر من ساعة ونصف ...وعندما وصلنا كان في المسجد أناس كثيرون ..وعندما شاهدوا الشيخ موسى وقفوا جميعا.. فحياهم مبتسما.. وصلينا وجلسنا نقرأ القرآن ..ففاجأني الشيخ موسى عندما قال للحضور أغلقوا مصاحفكم وتابعوا مع إبنناوهو يقرأ...يعنيني أنا..... تصبب العرق مني وحاولت الخلاص ولكن هيهات ..فاستسلمت فتحت المصحف وقلبت فيه لا أدري من أين أقرأ...ولم أعد أرى الحروف .. وانعقد لساني ...سميت بالله ولم أزد على ذلك بحرف ...فقد وقف الكلام وأُطبقت شفتاي ....
فما كان من الشيخ موسى إلا أن تدارك الموقف وأخذ يحكي للموجودين قصة أظنه ابتدعها من أجلي ...ذكر فيها أنه مر بنفس تجربتي فشاركه بعض الحاضرين مؤكدين أنهم مروا بنفس التجربة .. ( يالهم من أناس طيبين )....
أكمل الشيخ موسى حديثه.. وتطرق إلى موضوع (السحر بالسيمياء _ وعالم الروحانيات)... كان كلامه عذبا وحديثه شيقا وأسلوبه جميلا.. وتعبيره دقيقا ....انتهى الحديث برفع آذان صلاة العصر ....
ولكي لا أطيل عليكم... بقيت في منزل الشيخ موسى يومين أخبرته بعدها بأنني لا أستطيع البقاء ..وبأنني سوف أسافر إلى بلدي المغرب.. وبأنني سعيد بمعرفتهم ..فقال انتظر يومين فقط وبعدها لك القرار... وفي نفس اليوم أيقظني الشيخ في منتصف الليل , وقال توضىء وتعال... توضيت وعدت إليه..فقال اتبعني.. فتبعته إلى غرفة كانت مليئة بالبخور وشمعة واحدة... وكان الشيخ محمد في الغرفة.. فجلس الشيخ موسى في إحدى الزوايا ... ممسكا بالملوية (الملوية هي مسبحة طولها يقاس بالأمتار..البعض يسميها الألفية يستخدمونها في التسبيح بالآلاف) ...و أخذ الشيخ موسى يتمتم بكلام لم اسمعه..ثم قال بصوت مسموع ...
(ياذا الإسم الأعظم المصان ..افتح لموسى أبواب البيان ...ولتدخل الملائكة السمان... وليقيدوا مردة الجان.......................... ,...................,....................,........ ........,.................,..................).
وبينما كان الشيخ يتكلم شاهدته يرتفع عن الأرض ..وصل ارتفاعه إلى نصف متر تقريبا وهو جالس متربع... ثم نظر إلي وقال ...أنت بجهلك تريد لنفسك الشر.. والله برحمته يريد لك الخير ... لقد رأيت ما يحدث بأمر السحرة والمشعوذين فانظر إلى ما يحدث بأمر الله وقدرته....فأشار بيده إلى عصى في زاوية الغرفة ..فاندفعت العصى إلى يده.. فقال كوني بأمر الله طيرا ..فكانت كما قال وجلست على كتفه... ثم نظر إلى المسبحة وقال ..كوني بأمر الله ثعبانا.. وألقاها في الأرض فكانت كما قال .. كل هذا يحدث أمامي ..ثم نظر إلي وقال ..إننا الآن في حظرة الملائكة فاسأل ماتشاء عن أمور الدين أو الدنيا ...فلم استطع . فردد الشيخ الدعاء السابق وبدأ ينزل الى الأرض إلى أن استقرعليها .. ثم قام وخرج من الغرفة فأمسك الشيخ محمد بيدي وخرجنا خلفه...فخرج خارج المنزل ونحن خلفه..وأنا أسأل الشيخ محمد ماذا يحدث وهو يقول لي (الشيخ موسى في حظرة الملائكة) ..و سنسير خلفه..ولكن على يساره... ويجب أن نحث الخطى ولا تسأل عن شيء ولا تتوقف حتى نعود... فقط إقرأ ما تحفظ من القرآن أو ردد البسملة ......وكان منزل الشيخ موسى في أطراف القرية ...والمنطقة التي خلفنا شبه فارغة إلا من بعض المنازل هنا وهناك... وكنا نسير في خط شبه مستقيم... وفجأة قابلتنا إحدى الأشجار وكان جذعها كبير جدا وكانت أمام الشيخ موسى بالضبط ... ويالها من مصيبة ... والله إنني رأيت الشيخ يدخل من جذع الشجرة من الأمام ويخرج من الخلف دون أن يتوقف ...فزاد الخوف بداخلي ..ثم صادفنا أحد المنازل في طريقنا... فتكرر مع الشيخ موسى ما حدث في السابق ..فقد عبر جدار البيت وخرج من الجهة الأخرى ...ثم توقف الشيخ وتوقفنا معه.. وقبل أن أتكلم قال الشيخ لنعد ونذهب إلى المسجد استعدادا لصلاة الفجر...عدنا ولا أعلم كيف وصلت المسجد ...فلم أشعر بالطريق ..ولا أذكر ملامحه... فقط كل ما كان يدور في مخيلتي هو ما حدث .....
جلست في المسجد أقرأ القرآن.. ولا أعرف ماذا كنت اقرأ... وانتهت الصلاة وأنا في عالم آخر ...وكان في رأسي عشرات الأسئلة للشيخ موسى ...عدنا لمنزل الشيخ موسى ومعنا الشيخ محمد... ووجدنا الإفطار جاهزا فاعتذر الشيخ موسى بأنه صائم.. وتركنا معتذرا بأن لديه عدد من الأدعية يجب عليه إنهائها....
سألت الشيخ محمد عن صحة ما رأيت فقال إفطر أولا وسأجيبك عن كل أسئلتك...افطرت سريعا.. وكعادة السودانيين حفظهم الله كان الشيخ محمد أبرد من الثلج ..يأكل على مهله ..وأخيرا انتهى الشيخ من الإفطار وقال لي ... إن الشيخ موسى أحد الأوتاد الأربعة ..وإن ما رأيتخ هو من أبسط الكرامات التي اختصه الله بها ...والأوتاد منهم (سيدنا الخضر وسيدنا إلياس عليهم السلام) ...فقلت وهل له كرامات أخرى ...قال نعم....فهو من أصحاب النفحات الإلهية ...."أستغفرالله"... والحضرة النبوية "أستغفرالله"... وهو يطوي المسافات ويمشي على الماء و و و و .........
كيف أفسر ما حدث ...لا يمكن أن يكون الشيخ موسى ساحرا أو مشعوذا.. وهو يصلي وليس فيه صفات السحرة التي نعرفها جميعا ... فهل هو من أولياء الله الصالحين رغم ان كراماته تخل بالعقيدة ..ففيها النفحات وهي علم غيب وغيرها من الأمور التي لا ترضي الله استغفرالله . ...هذا السؤال وغيره من الحقائق التي اكتشفتها عوضتني عن كل خسائري ...........
يتبع..............
تذكير.....القصة سبر لأسزار الروحانيين و السحرة و الذين اجتمعوا في الشرك بالله و إن اختلفت مسمياتهم...

ليست هناك تعليقات:
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.